البوابة الفرعية
قال تعالى:
اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ
(سورة الشورى)
أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
(سورة الملك)
اسم اللطيف له معانٍ كثيرة ، أحد هذه المعاني أن الشيء الصغير الذي لا يُحس به لصغره يسمى لطيفاً مثلا والهواء موجود لكن بلطف فلا تراه بعينك ، وليس له رائحة ، ولا صوت ولا حِس ، أما الهواء إذا تحرّك بسرعة تزيد عن ثمانمائة كيلو متر في الساعة ، فهذا الإعصار لا يُبقي شيئاً على سطح الأرض .
وبهذا تعني كلمة لطيف ,أن الله عز وجل من اللطف بحيث لا تراه ولا تسمعه ولكن تراه بعقلك , و الله سبحانه وتعالى منزّهاً عن الجسمية ليس بجسم ولا صورة ولا متبعض ولا متجزّئ ولا متحيّز وكل ما خطر ببالك فالله خلاف ذلك, وفي كل مكان مع كل شيء ، لكن لا كشيء في شيء ، محيط بكل شيء علماً مع كل شيء وفوق كل شيء وإلى جانب كل شيء ولكن لا يجوز أن تشير إليه بجهة ، ولا أن تنسب إلى الله الجهة ولا الحيز .
اسم اللطيف من أسماء التنزيه ، فهو معك لكن بلا شعور، لا تُدرِكُه الأبصار لأنه لطيف وهو يُدرِك الأبصار , فهو لطيف لكنه موجود معك ، فخواطرك ومشاعرك وأحاسيسك وطموحاتك وصراعاتك وآلامك ، وضيق نفسك كله معروف عنده لكن من دون أن تشعر به .
المعنى الثاني : اللطيف هو العالم بدقائق الأمور وغوامِضِهِا ويُقال فلان لطيف اليد إذا كان حاذقاً في صنعته ، ومهتدياً إلى ما يشكل على غيره ، وعلى هذا التفسير يكون الله لطيفاً بمعنى عليماً , الله لطيف يعني يعرف دوافعك الحقيقية ، وهذه المواقف الملتوية و السِرَ ، والحِكمَة ، وهو الذي يعلم دقائق الأمور ،وبواطِنها و خلفيات الأشياء ، وحقيقة كل أمرٍ ، ويعلم ما خَفِيَ على معظم الناس .
المعنى الثالث : اللطيف هو البَرُّ بِعِبَادِه الذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون ، ويهيّء مصالحهم من حيث لا يحتسبون ، فاليوم حر شديد مثلاً ، فربنا عز وجل يهيّء لأهل هذه البلدة إنضاج فاكهتهم ، وهم لا يعرفون ، وبعد شهر ترى هذه الفاكهة معروضة في الأسواق بوضع جيد وجميل وطعم طيب ولذيذ.
لكن المعنى الرابع وهو من أروع المعاني التي قالها الإمام الغزالي ، أن اسم اللطيف الذي يعلم دقائق الأمور وينقل عبده من حال إلى حال بلطف عجيب, فمعنى لطيف كما قال الإمام الغزالي : " هو من يعلم حقائق المصالح وغوامضها ثم يسلك في إيصالها إلى مستحقها سبيل الرفق دون العنف ".
أما حظ العبد من هذا الاسم فهو الرِفقُ بعباد الله واللطف بهم في الدعوة إلى الله ,فإذا عرفت شيئاً سيئاً فاستره وكن لطيفاً ,واذا دعوت إلى الله عز وجل فكُنّ لطيفاً وكن ليناً وكُنْ رحيماً.
النبي عليه الصلاة والسلام في بعض ما ورد عنه يقول " تخلقوا بأخلاق الله " ، فإذا كان الله لطيفاً في علمه ، لطيفاً في وجوده ، لطيفاً في تصرفاته فكن أنت أيضاً لطيفاً .
