معنى كلمة لا إله إلا الله:
لقد عني أئمة الدعوة رحمهم الله ببيان معنى كلمة التوحيد فأفردها الشيخ محمد بن عبد الوهاب برسالة في جواب سؤال، وتكلم عليها في كشف الشبهات وغيره، وتعرض لها شراح كتاب التوحيد وغيرهم، وإليك ما ذكره الشيخ سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد صـ53 حيث يقول: "ومعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا إله واحد، وهو الله وحده لا شريك له" كما قال تعالى: {وَمَاً أَرْسَلْنَا مِن قًبلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهً إِلاَّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25] مع قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل:36]. فصح أن معنى الإله هو المعبود، ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لكفار قريش «قولوا لا إله إلا الله» قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:5].
وقال قوم هود: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [الأعراف:70].
وهو إنما دعاهم إلى لا إله إلا الله، فهذا هو معنى لا إله إلا الله، وهو عبادة الله وترك عبادة ما سواه، وهو الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، فتضمنت هذه الكلمة العظيمة أن ما سوى الله ليس بإله، وأن إلهية ما سواه من أبطل الباطل وإثباتها أظلم الظلم، فلا يستحق العبادة سواه، كما لا تصلح الإلهية لغيره، فتضمنت نفي الإلهية عما سواه، وإثباتها له وحده لا شريك له، وذلك يستلزم الأمر باتخاذه إلهاً وحده والنهي عن اتخاذ غيره معه إلهاً، وهذا يفهمه المخاطب من هذا النفي والإثبات، كما إذا رأيت رجلاً يستفتي أو يستشهد من ليس أهلاً لذلك، ويدع من هو أهل له، فتقول هذا ليس بمفت ولا شاهد، المفتي فلان والشاهد فلان، فإن هذا أمر منه ونهي، وقد دخل في الإلهية جميع أنواع العبادة الصادرة عن تأله القلب لله بالحب والخضوع، والانقياد له وحده لا شريك له، فيجب إفراد الله تعالى بها كالدعاء والخوف والمحبة، والتوكل والإنابة والتوبة والذبح والنذر والسجود، وجميع أنواع العبادة، فيجب صرف جميع ذلك لله وحده لا شريك له، فمن صرف شيئاً مما لا يصلح إلا لله من العبادات لغير الله فهو مشرك ولو نطق بـ لا إله إلا الله، إذ لم يعمل بما تقتضيه من التوحيد والإخلاص
ابو دياب