بدون مؤاخذة-
حروب اسرائيل والجريمة بحق الانسانية
تقرير اللجنة الدولية برئاسة القاضي الجنوب افريقي جولدستون حول ارتكاب اسرائيل جرائم حرب، وانتهاكات لحقوق الانسان في حربها التدميرية التي شنتها قطاع غزة في اواخر ديسمبر 2008 أثار ردور فعل واسعة اقلقت الاسرائيليين. ومع ان هذا التقرير يشكل بصيص أمل في فضح السياسات العدوانية لاسرائيل الا أن العرب لم يستغلوه سياسيا وإعلاميا كما يجب.
والقلق الاسرائيلي ينبع من الخوف أن تقوم بعض الدول الاوروبية بمتابعة بعض المسؤولين العسكريين الاسرائيليين كمجرمي حرب، لذا فهي تستنفر خبراءها القانونيين لايجاد منافذ قانونية تمكنها من حماية مجرميها، ومع ان بعض المسؤولين الاسرائيليين بدلا من ان يتعظوا من التقرير الدولي بمراجعة سياساتهم والتراجع عن الاعمال الاجرامية،فانهم اخذوا يبحثون عن آليه لاستمرارية هذه الاعمال بـ (مشروعية) دولية ان جاز التعبير، حتى وصل الأمر بوزير الرفاه الاسرائيلي حييم هرتزوغ ان يطالب بتغيير في القانون الدولي ولوائح حقوق الانسان بما يتناسب مع متطلبات واحتياجات اسرائيل في القرن الحادي والعشرين .
ويفهم ضمنا من طلب الوزير الاسرائيلي انه يريد العودة الى شريعة الغاب التي البقاء فيها للأقوى، ومنها تشريع قوانين دولية تجيز احتلال اراضي الغير، وقهر الشعوب، وقتل المدنيين وتدمير ممتلكاتهم، واعتبار مقاومة ذلك ارهابا، وتحويل الضحية الضعيف الى جلاد، والجلاد القوي الى ضحية، وهذا التفكير النابع من الفكر العنصري الذي ما كان لينمو ويترعرع لولا التغطية والحماية الاستعمارية للسياسات الاسرائيلية منذ نشوء اسرائيل وحتى يومنا هذا،فالولايات المتحدة الأمريكة هي الدولة الأكثر استعمالا لحق النقض(الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع اصدار أيّ قرار يدين الممارسات الاسرائيلية عبر تاريخ دولة اسرائيل، ولمساندة اسرائيل في خروقاتها للقانون الدولي، وعدم تطبيقها لقرارات الشرعية الدولية التي سبق أن وافقت وأمريكا عليها .
واذا كان القانون الدولي لا يجيز بأي شكل من الأشكال تغيير ملامح الارض التي تقع تحت الاحتلال العسكري، فإن اسرائيل تقوم بمصادرة أراضي الضفة الغربية، وتجريفها، واقتلاع أشجارها، والبناء الاستيطاني عليها، ونهب ثرواتها ومحاصرة مواطنيها وقتلهم وتشريدهم، وإحلال مستوطنين يهود مكانهم، وضمّ أجزاء منها لاسرائيل، وتمزيقها بجدران التوسع الاحتلالي، والشوارع الالتفافية ، ولا تزال الحكومة الاسرائيلية ترفض حتى مجرد تجميد مؤقت للبناء الاستيطاني من اجل العودة لطاولة المفاوضات لتحقيق السلام في المنطقة، هذا بدلا من ان تعترف اسرائيل مسبقا من انها دولة محتلة، وانها على استعداد لإنهاء احتلالها وأزالة كافة مخلفاته والإذعان للقانون الدولي، وللقرارات الدولية بخصوص النزاع، وهي بهذا تعطي سلفا اصرارها على عدم الانسحاب من الاراضي المحتلة، وعلى عدم تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره، واقامة دولته المستقلة كبقية شعوب الارض،تنفيذا لمخططاتها التوسعية وعدم رضوخها لمتطلبات السلام.
ومع ان اسرائيل الرسمية ووسائل اعلامها تفاخر دوما بما تسميه(طهارة السلاح الاسرائيلي)إلا أن العالم أجمع يشهد على جرائم حرب ارتكبتها اسرائيل منذ قيامها ولا تزال مستمرة فيها، ومنها مذابح دير ياسين،الدوايمه،الطنطورة، قبيه، كفر قاسم ، قتل اسرى الجيش المصري، مدرسة بحر البقر المصرية، قانا اللبنانية، ومخيمي صبرا وشاتيلا، ومخيم جنين ومذبحة الحرم الابراهيمي،ومذابح الأقصى، ومحرقة قطاع غزة الأخيرة ... وغيرها، وجميع هذه الجرائم مرّت بدون عقاب، ولو تم عقاب المسؤولين عنها بداية، لما حصلت الجرائم التي تلتها .
وبما أن هناك تخوفا من طرح تقرير جولدستون على مجلس الأمن الدولي لعدم احراج ادارة الرئيس اوباما التي ستستعمل( الفيتو)لمنع ادانة اسرائيل، فإنه لا مناص امام الانظمة العربية والاسلامية والديمقراطية الدولية من طرحه على الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن اللجوء الى محكمة لاهاي الدولية لإدانة مرتكبي هذه الجرائم، مع التأكيد ان امريكا ما كانت لتستعمل (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع استصدار قرار يدين الجرائم المرتكبة بحق العرب، لو انها كانت تسمع كلمة (لا) من الأنظمة العربية، واذا كانت العلاقات بين الدول تقوم على المصالح، فإن المصالح الامريكية الحيوية في العالم العربي اكثر من ان تحصى، والبترول ما هو الا واحد من هذه المصالح، وجميعها مؤمنة في أوطان العربان، في حين ان لا مصلحة عربية تُحترم من الجانب الامريكي .
والعالم العربي الذي يملك أوراقا كثيرة يستطيع من خلالها تحقيق مصالحه من خلال الضغط بها، وحتى من خلال التلويح الجدّي باستعمالها، والكل يذكر مدى تأثير ورقة النفط عندما استعملها العاهل السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز في حرب اكتوبر 1973.
ويبقى السؤال: هل سيتم اتخاذ اجراءات لوقف جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الانسان بحق الشعب الفلسطيني، أم انه سيتم تغيير القانون الدولي ولوائح حقوق الانسان بما يتناسب والسياسة الاسرائيلية كما دعا الوزير الاسرائيلي؟؟؟
19-9-2009
الجوهري
حروب اسرائيل والجريمة بحق الانسانية
تقرير اللجنة الدولية برئاسة القاضي الجنوب افريقي جولدستون حول ارتكاب اسرائيل جرائم حرب، وانتهاكات لحقوق الانسان في حربها التدميرية التي شنتها قطاع غزة في اواخر ديسمبر 2008 أثار ردور فعل واسعة اقلقت الاسرائيليين. ومع ان هذا التقرير يشكل بصيص أمل في فضح السياسات العدوانية لاسرائيل الا أن العرب لم يستغلوه سياسيا وإعلاميا كما يجب.
والقلق الاسرائيلي ينبع من الخوف أن تقوم بعض الدول الاوروبية بمتابعة بعض المسؤولين العسكريين الاسرائيليين كمجرمي حرب، لذا فهي تستنفر خبراءها القانونيين لايجاد منافذ قانونية تمكنها من حماية مجرميها، ومع ان بعض المسؤولين الاسرائيليين بدلا من ان يتعظوا من التقرير الدولي بمراجعة سياساتهم والتراجع عن الاعمال الاجرامية،فانهم اخذوا يبحثون عن آليه لاستمرارية هذه الاعمال بـ (مشروعية) دولية ان جاز التعبير، حتى وصل الأمر بوزير الرفاه الاسرائيلي حييم هرتزوغ ان يطالب بتغيير في القانون الدولي ولوائح حقوق الانسان بما يتناسب مع متطلبات واحتياجات اسرائيل في القرن الحادي والعشرين .
ويفهم ضمنا من طلب الوزير الاسرائيلي انه يريد العودة الى شريعة الغاب التي البقاء فيها للأقوى، ومنها تشريع قوانين دولية تجيز احتلال اراضي الغير، وقهر الشعوب، وقتل المدنيين وتدمير ممتلكاتهم، واعتبار مقاومة ذلك ارهابا، وتحويل الضحية الضعيف الى جلاد، والجلاد القوي الى ضحية، وهذا التفكير النابع من الفكر العنصري الذي ما كان لينمو ويترعرع لولا التغطية والحماية الاستعمارية للسياسات الاسرائيلية منذ نشوء اسرائيل وحتى يومنا هذا،فالولايات المتحدة الأمريكة هي الدولة الأكثر استعمالا لحق النقض(الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع اصدار أيّ قرار يدين الممارسات الاسرائيلية عبر تاريخ دولة اسرائيل، ولمساندة اسرائيل في خروقاتها للقانون الدولي، وعدم تطبيقها لقرارات الشرعية الدولية التي سبق أن وافقت وأمريكا عليها .
واذا كان القانون الدولي لا يجيز بأي شكل من الأشكال تغيير ملامح الارض التي تقع تحت الاحتلال العسكري، فإن اسرائيل تقوم بمصادرة أراضي الضفة الغربية، وتجريفها، واقتلاع أشجارها، والبناء الاستيطاني عليها، ونهب ثرواتها ومحاصرة مواطنيها وقتلهم وتشريدهم، وإحلال مستوطنين يهود مكانهم، وضمّ أجزاء منها لاسرائيل، وتمزيقها بجدران التوسع الاحتلالي، والشوارع الالتفافية ، ولا تزال الحكومة الاسرائيلية ترفض حتى مجرد تجميد مؤقت للبناء الاستيطاني من اجل العودة لطاولة المفاوضات لتحقيق السلام في المنطقة، هذا بدلا من ان تعترف اسرائيل مسبقا من انها دولة محتلة، وانها على استعداد لإنهاء احتلالها وأزالة كافة مخلفاته والإذعان للقانون الدولي، وللقرارات الدولية بخصوص النزاع، وهي بهذا تعطي سلفا اصرارها على عدم الانسحاب من الاراضي المحتلة، وعلى عدم تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره، واقامة دولته المستقلة كبقية شعوب الارض،تنفيذا لمخططاتها التوسعية وعدم رضوخها لمتطلبات السلام.
ومع ان اسرائيل الرسمية ووسائل اعلامها تفاخر دوما بما تسميه(طهارة السلاح الاسرائيلي)إلا أن العالم أجمع يشهد على جرائم حرب ارتكبتها اسرائيل منذ قيامها ولا تزال مستمرة فيها، ومنها مذابح دير ياسين،الدوايمه،الطنطورة، قبيه، كفر قاسم ، قتل اسرى الجيش المصري، مدرسة بحر البقر المصرية، قانا اللبنانية، ومخيمي صبرا وشاتيلا، ومخيم جنين ومذبحة الحرم الابراهيمي،ومذابح الأقصى، ومحرقة قطاع غزة الأخيرة ... وغيرها، وجميع هذه الجرائم مرّت بدون عقاب، ولو تم عقاب المسؤولين عنها بداية، لما حصلت الجرائم التي تلتها .
وبما أن هناك تخوفا من طرح تقرير جولدستون على مجلس الأمن الدولي لعدم احراج ادارة الرئيس اوباما التي ستستعمل( الفيتو)لمنع ادانة اسرائيل، فإنه لا مناص امام الانظمة العربية والاسلامية والديمقراطية الدولية من طرحه على الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن اللجوء الى محكمة لاهاي الدولية لإدانة مرتكبي هذه الجرائم، مع التأكيد ان امريكا ما كانت لتستعمل (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع استصدار قرار يدين الجرائم المرتكبة بحق العرب، لو انها كانت تسمع كلمة (لا) من الأنظمة العربية، واذا كانت العلاقات بين الدول تقوم على المصالح، فإن المصالح الامريكية الحيوية في العالم العربي اكثر من ان تحصى، والبترول ما هو الا واحد من هذه المصالح، وجميعها مؤمنة في أوطان العربان، في حين ان لا مصلحة عربية تُحترم من الجانب الامريكي .
والعالم العربي الذي يملك أوراقا كثيرة يستطيع من خلالها تحقيق مصالحه من خلال الضغط بها، وحتى من خلال التلويح الجدّي باستعمالها، والكل يذكر مدى تأثير ورقة النفط عندما استعملها العاهل السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز في حرب اكتوبر 1973.
ويبقى السؤال: هل سيتم اتخاذ اجراءات لوقف جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الانسان بحق الشعب الفلسطيني، أم انه سيتم تغيير القانون الدولي ولوائح حقوق الانسان بما يتناسب والسياسة الاسرائيلية كما دعا الوزير الاسرائيلي؟؟؟
19-9-2009
الجوهري