بدون مؤاخذة-
نتنياهو يعي ما يريد وما يفعل
قبل قيام دولة اسرائيل في 15 أيار 1948 بعشرات السنين والحركة الصهيونية تلقى الدعم من الدول الاستعمارية لاقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فوعد بلفور صدر في الثاني من تشرين الثاني 1917 والذي تعهد فيه وزير خارجية بريطانيا في حينه باسم الحكومة البريطانية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وكان قبل ذلك بأشهر قد اتفقت الدولتان الاستعماريتان بريطانيا وفرنسا على اقتسام العالم العربي بما عرف باتفاقية سايكس-بيكو، بعد أن حققتا النصر على دولة الخلافة العثمانية بحرب كان الغالبية العظمى من وقودها من العرب والمسلمين، وأثناء الانتداب البريطاني على فلسطين تقرر تسهيل الهجرات اليهودية الى فلسطين والسماح للعصابات الصهيونية بحمل السلاح، في حين كان يتم اعدام الفلسطيني العربي على رصاصة فارغة أو على سكين، وعندما انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين في 14 أيار 1948 قامت القوات البريطانية بتسليم معسكراتها وأسلحتها للمنظمات الصهيونية(الهاجانا ، ايتسل ، وليحي)، وعندما أعلن بن جوريون قيام دولة اسرائيل في 15 أيار 1948 ونشبت الحرب التي دخلتها سبع جيوش عربية، عددها اثنا عشر ألف مقاتل مسلحة بأسلحة خفيفة وبقيادة الضابط البريطني جلوب باشا، هزمت أمام المنظمات الصهيونية التي كان عدد مقاتليها ثمانية عشر ألف مقاتل مدربين في جيوش نظامية، ومسلحين بأسلحة ثقيلة مثل الدبابات ومدفعية الميدان، ولاحقاً بطائرات قاذفة، وكانت لهم خبرة قتالية حيث أن غالبيتهم شاركت مع جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية .
وقد تلقت الدولة الوليدة سيولاً من الدعم المادي من أثرياء اليهود في العالم، ومن دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية ليقوم فيها اقتصاد قوي يشكل عنصر جذب للهجرات اليهودية، كما تم تزويدهم بأحدث ما أنتجته ترسانة الأسلحة في دول أوروبا الغربية وأمريكا خصوصاً بريطانيا وفرنسا اللتين شاركتا اسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر في 29 – 10– 1956 وما نتج عنه من احتلال اسرائيل لقطاع غزة وصحراء سيناء، وكان لصمود الشعب المصري وقيادته القومية الوطنية برئاسة الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر، وللانذار السوفييتي ولموقف الادار الأمريكية في حينه الدور الكبير في انسحاب القوات الغازية من منطقة قناة السويس، وسيناء وقطاع غزة .
والكل يذكر أن طائرات الميراج وسوبر مستير فرنسية الصنع هي التي لعبت الدور الحاسم في هزيمة العرب في حرب حزيران عام 1967 وما نتج عنها من احتلال ما تبقى من فلسطين وصحراء سيناء وهضبة الجولان.
وتواصل الدعم الغربي مادياً وعسكرياً وسياسياً وبلا حدود لاسرائيل ولاحتلالها للأراضي العربية المستمر حتى أيامنا هذه، وان كان غالبية الدعم في هذه المرحلة من الادارات الأمريكية المتعاقبة والتي كانت تستعمل حق النقض – الفيتو – في مجلس الأمن الدولي ضد أي بادرة دولية لادانة اسرائيل على جرائم ارتكبتها بحق الانسانية، حتى أن الجسر الجوّي الأمريكي لامداد اسرائيل بالسلاح الجاهز للاستعمال حال دون هزيمتها في حرب اكتوبر عام 1973 لارغامها على الانسحاب من الأراضي المحتلة في حزيران 1967، كما أن الدعم الأمريكي والأوروبي الغربي لاسرائيل في حزيران 1982 هو الذي شكل الغطاء لها لاجتياح لبنان واحتلال عاصمته بيروت، واخراج مقاتلي منظمة التحرير من لبنان.
وتتوالى الأحداث وتندلع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في ديسمبر 1987 وعندما حاول الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب استرضاء بعض الأنظمة العربية بعد حربه الثلاثينية على العراق في كانون الثاني 1991 تحت ستار تحرير الكويت بعقد مؤتمر دولي في تشرين أول من نفس العالم في مدريد، وضغط على اسرائيل من أجل حضوره لم يتورع اسحق شامير رئيس وزراء اسرائيل في حينه من التصريح بأنه سيفاوض العرب عشر سنين، ولن يعطيهم شيئاً وصدق الرجل فيما قال .
وبينما كانت المفاوضات السرية بين قيادة منظمة التحرير واسرائيل جارية للوصول الى اتفاقات اوسلو في أيلول 1993 كانت الادراة الامريكية في العام 1992 قد قدمت لاسرائيل عشرة مليارات دولار كدعم للاستيطان بذريعة استيعاب المهاجرين من جمهوريات الاتحاد السوفييتي المنهار .
وتتواصل الأحداث ويقتحم في أواخر أيلول 2000 ارئيل شارون رئيس وزراء اسرائيل في حينه المسجد الأقصى لتندلع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وليقوم شارون في العام 2002 باجتياح مناطق السلطة الفلسطينية، وما رافق ذلك من مجازر خصوصاً في مخيم جنين، وليأتي بعدها حصار الرئيس ياسر عرفات في مقره في رام اللهلا حتى اغتياله بالسم،وكل ذلك بغطاء سياسي ودعم عسكري أمريكي وصل ذروته في عصر الرئيس الأمريكي الأرعن جورج دبليو بوش الذي دعم اسرائيل بأكثر مما كانت تطلبه، وحتى في أواخر ولايته عندما دعمها باستعمال الأسلحة المحرم استعمالها دولياً كالفوسفور الأبيض في حربها على قطاع غزة، والتي استهدفت المدنيين والمؤسسات المدنية كالمساجد والمدارس بما فيها مدارس وكالة غوث اللاجئين، ومستودعات هذه الوكالة التي هي أحد أذرع الأمم المتحدة في المنطقة .
وعندما جاءت ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وكانت الادارة الأمريكية قد اقتنعت خصوصاً بعد لجنة بيكر – دايتون أن أسباب الصراع في الشرق الأوسط هو القضية الفلسطينية، وأن أمريكا لن تستطيع الخروج من مستنقعي العراق وأفغانستان بدون حلّ هذه القضية، والتي تشكل سبباً رئيساً في تهديد السلم العالمي. مع التنوية بأن الدعم الأوروبي والأمريكي لاسرائيل ما كان ليتم لولا الضعف العربي الرسمي، حيث أن أمريكا وحلفاءها على قناعة بأن مصالحهم مؤمنة في الشرق الأوسط في ظل وجود اسرائيل قوية مصاحباً لضعف عربي، حتى أن أمريكا فكرت باعادة تقسيم العالم العربي المقسم والمجزأ من جديد من خلال مشروعها(الشرق الأوسط الجديد) وارتأت أن دعمها لاسرائيل في حربها في تموز 2007 على لبنان ومحاصرتها لسوريا بعد احتلال العراق، ومحاصرتها لقطاع غزة من حزيران 2006 هو الضمانة لتنفيذ هذا المشروع، وقد أعلنت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في بيروت وأثناء العدوان الاسرائيلي(الآن بدأ تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد) غير أن صمود حزب الله والمقاومة اللبنانية قد أحبط هذا المشروع .
غير أن بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الاسرائيلية وحلفاؤه من اليمين المتطرف الاسرائيلي لم يذعنوا للطلب الدولي بشكل عام والأمريكي بشكل خاص، بوقف الاستيطان ولو مؤقتاً تمهيداً للعودة الى طاولة المفاوضات، بل كلما ازدادت الطلبات الأمريكية من اسرائيل بهذا الخصوص، كلما أعلن نتنياهو عن الموافقة على مخططات استيطان جديدة، بل أنه يسابق الزمن لفرض حقائق جديدة على الأرض خصوصاً في القدس الشرقية المحتلة لمنع اقامة دولة فلسطينية مستقلة، حتى أن الكثيرين باتوا يتساءلون عمن يتسطع الضغط على الآخر أمريكا أم اسرائيل؟ وبعضهم يتساءل بل ويؤكد بأن اللوبي اليهودي في أمريكا قادر على اسقاط ادارة الرئيس أوباما .
لكن المتتبع لطبيعة الصراع العربي الاسرائيلي سيجد أن نتنياهو يجيد اللعبة السياسية الشرق أوسطية،ويعرف ما يريد، لأنه على يقين تام بأن أمريكا لن تمارس عليه ضغطاً حقيقياً، والمتتبع لتصريحات القادة الأمريكيين وعلى رأسهم الرئيس باراك أوباما فإنه سيجد أن أي احتجاج على سياسة الاستيطان يسبقه في نفس اللحظة تصريح بالتأكيد على أن(أمريكا ملتزمة بأمن اسرائيل) وليس خافياً على أحد أن القادة الاسرائيليين يرون أمنهم بالاحتفاظ بالأراضي العربية المحتلة، وأن نتنياهو يطالب بتطبيع العلاقات مع الدول العربية حتى دون الموافقة على تجميد مؤقت للاستيطان، وبعض الدول العربية وافقت على ذلك، وهو يصر على التطبيع مع المملكة العربية السعودية بما تمثله من ثقل اقتصادي وسياسي في العالم العربي، أي أنه يريد اعترافاً عربياً باحتلال اسرائيل للاراضي العربية، وأنه لن يعطي الفلسطينيين أكثر من ادارة مدنية على السكان وليس على الأرض، وهو على يقين تام باستمرارية الدعم الأمريكي لما تريده اسرائيل، ومتيقن من استمرارية الضعف العربي الرسمي وعدم محاولته الخروج من هذا الضعف، خوفاً من أن يتهم بالخروج على بيت الطاعة الأمريكية، وما قوة نتنياهو في التعامل مع النظام العربي الرسمي الا تطبيق للمثل القائل ( وش علمك الصيد؟ فقال: غزال أعرج )
وعالمنا العربي غزال كسيح وليته كان أعرجاً، لأن الأعرج يستطيع المشي على الأقل.
نتنياهو يعي ما يريد وما يفعل
قبل قيام دولة اسرائيل في 15 أيار 1948 بعشرات السنين والحركة الصهيونية تلقى الدعم من الدول الاستعمارية لاقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فوعد بلفور صدر في الثاني من تشرين الثاني 1917 والذي تعهد فيه وزير خارجية بريطانيا في حينه باسم الحكومة البريطانية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وكان قبل ذلك بأشهر قد اتفقت الدولتان الاستعماريتان بريطانيا وفرنسا على اقتسام العالم العربي بما عرف باتفاقية سايكس-بيكو، بعد أن حققتا النصر على دولة الخلافة العثمانية بحرب كان الغالبية العظمى من وقودها من العرب والمسلمين، وأثناء الانتداب البريطاني على فلسطين تقرر تسهيل الهجرات اليهودية الى فلسطين والسماح للعصابات الصهيونية بحمل السلاح، في حين كان يتم اعدام الفلسطيني العربي على رصاصة فارغة أو على سكين، وعندما انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين في 14 أيار 1948 قامت القوات البريطانية بتسليم معسكراتها وأسلحتها للمنظمات الصهيونية(الهاجانا ، ايتسل ، وليحي)، وعندما أعلن بن جوريون قيام دولة اسرائيل في 15 أيار 1948 ونشبت الحرب التي دخلتها سبع جيوش عربية، عددها اثنا عشر ألف مقاتل مسلحة بأسلحة خفيفة وبقيادة الضابط البريطني جلوب باشا، هزمت أمام المنظمات الصهيونية التي كان عدد مقاتليها ثمانية عشر ألف مقاتل مدربين في جيوش نظامية، ومسلحين بأسلحة ثقيلة مثل الدبابات ومدفعية الميدان، ولاحقاً بطائرات قاذفة، وكانت لهم خبرة قتالية حيث أن غالبيتهم شاركت مع جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية .
وقد تلقت الدولة الوليدة سيولاً من الدعم المادي من أثرياء اليهود في العالم، ومن دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية ليقوم فيها اقتصاد قوي يشكل عنصر جذب للهجرات اليهودية، كما تم تزويدهم بأحدث ما أنتجته ترسانة الأسلحة في دول أوروبا الغربية وأمريكا خصوصاً بريطانيا وفرنسا اللتين شاركتا اسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر في 29 – 10– 1956 وما نتج عنه من احتلال اسرائيل لقطاع غزة وصحراء سيناء، وكان لصمود الشعب المصري وقيادته القومية الوطنية برئاسة الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر، وللانذار السوفييتي ولموقف الادار الأمريكية في حينه الدور الكبير في انسحاب القوات الغازية من منطقة قناة السويس، وسيناء وقطاع غزة .
والكل يذكر أن طائرات الميراج وسوبر مستير فرنسية الصنع هي التي لعبت الدور الحاسم في هزيمة العرب في حرب حزيران عام 1967 وما نتج عنها من احتلال ما تبقى من فلسطين وصحراء سيناء وهضبة الجولان.
وتواصل الدعم الغربي مادياً وعسكرياً وسياسياً وبلا حدود لاسرائيل ولاحتلالها للأراضي العربية المستمر حتى أيامنا هذه، وان كان غالبية الدعم في هذه المرحلة من الادارات الأمريكية المتعاقبة والتي كانت تستعمل حق النقض – الفيتو – في مجلس الأمن الدولي ضد أي بادرة دولية لادانة اسرائيل على جرائم ارتكبتها بحق الانسانية، حتى أن الجسر الجوّي الأمريكي لامداد اسرائيل بالسلاح الجاهز للاستعمال حال دون هزيمتها في حرب اكتوبر عام 1973 لارغامها على الانسحاب من الأراضي المحتلة في حزيران 1967، كما أن الدعم الأمريكي والأوروبي الغربي لاسرائيل في حزيران 1982 هو الذي شكل الغطاء لها لاجتياح لبنان واحتلال عاصمته بيروت، واخراج مقاتلي منظمة التحرير من لبنان.
وتتوالى الأحداث وتندلع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في ديسمبر 1987 وعندما حاول الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب استرضاء بعض الأنظمة العربية بعد حربه الثلاثينية على العراق في كانون الثاني 1991 تحت ستار تحرير الكويت بعقد مؤتمر دولي في تشرين أول من نفس العالم في مدريد، وضغط على اسرائيل من أجل حضوره لم يتورع اسحق شامير رئيس وزراء اسرائيل في حينه من التصريح بأنه سيفاوض العرب عشر سنين، ولن يعطيهم شيئاً وصدق الرجل فيما قال .
وبينما كانت المفاوضات السرية بين قيادة منظمة التحرير واسرائيل جارية للوصول الى اتفاقات اوسلو في أيلول 1993 كانت الادراة الامريكية في العام 1992 قد قدمت لاسرائيل عشرة مليارات دولار كدعم للاستيطان بذريعة استيعاب المهاجرين من جمهوريات الاتحاد السوفييتي المنهار .
وتتواصل الأحداث ويقتحم في أواخر أيلول 2000 ارئيل شارون رئيس وزراء اسرائيل في حينه المسجد الأقصى لتندلع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وليقوم شارون في العام 2002 باجتياح مناطق السلطة الفلسطينية، وما رافق ذلك من مجازر خصوصاً في مخيم جنين، وليأتي بعدها حصار الرئيس ياسر عرفات في مقره في رام اللهلا حتى اغتياله بالسم،وكل ذلك بغطاء سياسي ودعم عسكري أمريكي وصل ذروته في عصر الرئيس الأمريكي الأرعن جورج دبليو بوش الذي دعم اسرائيل بأكثر مما كانت تطلبه، وحتى في أواخر ولايته عندما دعمها باستعمال الأسلحة المحرم استعمالها دولياً كالفوسفور الأبيض في حربها على قطاع غزة، والتي استهدفت المدنيين والمؤسسات المدنية كالمساجد والمدارس بما فيها مدارس وكالة غوث اللاجئين، ومستودعات هذه الوكالة التي هي أحد أذرع الأمم المتحدة في المنطقة .
وعندما جاءت ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وكانت الادارة الأمريكية قد اقتنعت خصوصاً بعد لجنة بيكر – دايتون أن أسباب الصراع في الشرق الأوسط هو القضية الفلسطينية، وأن أمريكا لن تستطيع الخروج من مستنقعي العراق وأفغانستان بدون حلّ هذه القضية، والتي تشكل سبباً رئيساً في تهديد السلم العالمي. مع التنوية بأن الدعم الأوروبي والأمريكي لاسرائيل ما كان ليتم لولا الضعف العربي الرسمي، حيث أن أمريكا وحلفاءها على قناعة بأن مصالحهم مؤمنة في الشرق الأوسط في ظل وجود اسرائيل قوية مصاحباً لضعف عربي، حتى أن أمريكا فكرت باعادة تقسيم العالم العربي المقسم والمجزأ من جديد من خلال مشروعها(الشرق الأوسط الجديد) وارتأت أن دعمها لاسرائيل في حربها في تموز 2007 على لبنان ومحاصرتها لسوريا بعد احتلال العراق، ومحاصرتها لقطاع غزة من حزيران 2006 هو الضمانة لتنفيذ هذا المشروع، وقد أعلنت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في بيروت وأثناء العدوان الاسرائيلي(الآن بدأ تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد) غير أن صمود حزب الله والمقاومة اللبنانية قد أحبط هذا المشروع .
غير أن بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الاسرائيلية وحلفاؤه من اليمين المتطرف الاسرائيلي لم يذعنوا للطلب الدولي بشكل عام والأمريكي بشكل خاص، بوقف الاستيطان ولو مؤقتاً تمهيداً للعودة الى طاولة المفاوضات، بل كلما ازدادت الطلبات الأمريكية من اسرائيل بهذا الخصوص، كلما أعلن نتنياهو عن الموافقة على مخططات استيطان جديدة، بل أنه يسابق الزمن لفرض حقائق جديدة على الأرض خصوصاً في القدس الشرقية المحتلة لمنع اقامة دولة فلسطينية مستقلة، حتى أن الكثيرين باتوا يتساءلون عمن يتسطع الضغط على الآخر أمريكا أم اسرائيل؟ وبعضهم يتساءل بل ويؤكد بأن اللوبي اليهودي في أمريكا قادر على اسقاط ادارة الرئيس أوباما .
لكن المتتبع لطبيعة الصراع العربي الاسرائيلي سيجد أن نتنياهو يجيد اللعبة السياسية الشرق أوسطية،ويعرف ما يريد، لأنه على يقين تام بأن أمريكا لن تمارس عليه ضغطاً حقيقياً، والمتتبع لتصريحات القادة الأمريكيين وعلى رأسهم الرئيس باراك أوباما فإنه سيجد أن أي احتجاج على سياسة الاستيطان يسبقه في نفس اللحظة تصريح بالتأكيد على أن(أمريكا ملتزمة بأمن اسرائيل) وليس خافياً على أحد أن القادة الاسرائيليين يرون أمنهم بالاحتفاظ بالأراضي العربية المحتلة، وأن نتنياهو يطالب بتطبيع العلاقات مع الدول العربية حتى دون الموافقة على تجميد مؤقت للاستيطان، وبعض الدول العربية وافقت على ذلك، وهو يصر على التطبيع مع المملكة العربية السعودية بما تمثله من ثقل اقتصادي وسياسي في العالم العربي، أي أنه يريد اعترافاً عربياً باحتلال اسرائيل للاراضي العربية، وأنه لن يعطي الفلسطينيين أكثر من ادارة مدنية على السكان وليس على الأرض، وهو على يقين تام باستمرارية الدعم الأمريكي لما تريده اسرائيل، ومتيقن من استمرارية الضعف العربي الرسمي وعدم محاولته الخروج من هذا الضعف، خوفاً من أن يتهم بالخروج على بيت الطاعة الأمريكية، وما قوة نتنياهو في التعامل مع النظام العربي الرسمي الا تطبيق للمثل القائل ( وش علمك الصيد؟ فقال: غزال أعرج )
وعالمنا العربي غزال كسيح وليته كان أعرجاً، لأن الأعرج يستطيع المشي على الأقل.