هو رائد حركة تحرير المرأة، عندما تسمع باسمه تتذكر المرأة
فهو المدافع عنها أكثر من المرأة نفسها وهو قبطان لسفينة اسمها الحرية
على الرغم من العوائق وصخور التخلف التي واجهت سفينته ولم تهوي بل حافظ على توازنها
ولاتهمه الرياح العاتية واضعا مرساتها في المكان الذي يرغب به
إنه شخص رسم لطريقه دربا وعلى دربه سائر ومصمم
فرفض حياة الأرستقراطيين الفانية وأحب الخلود وحققه بانضمامه لقطار اسمه
عظماء عبر التاريخ
فهو أديب درس في بلاد الثورة الفرنسية فأحب أن يصنع ثورة نسائية
هو شخص أراد التنفس في جو مضطرب وأحب الإستيقاظ في جو نائم وحالم
ورغب بالحياة في عالم من الأموات فأثرت عليه الظروف
فوافته المنية ولم يصل من العمر الخمسين.
بداياته
ولد قاسم في بلدة طرّة بمصر في الأول من ديسمبر عام 1863 م
وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة (رأس التين) التي كانت تضم أبناء الطبقة الارستقراطية
ثم انتقل مع أسرته إلى القاهرة و وسكن في حي الحلمية الأرستقراطي وحصل على الثانوية العامة
فالتحق بمدرسة الحقوق والإدارة ومنها حصل على الليسانس عام 1881 م
و كان أول متخرج وعمل بعد تخرجه بفترة قصيرة بالمحاماة ثم سافر في بعثة دراسية إلى فرنسا
وانضم لجامعة مونبلييه وبعد دراسة دامت أربعة سنوات
أنهى دراسته القانونية بتفوق سنة 1885م
وأثناء دراسته بفرنسا جدد صلاته مع جمال الدين الأفغاني ومدرسته
حيث كان المترجم الخاص بالإمام محمد عبده في باريس.
نبوغــــه
عاد قاسم من فرنسا بعد أن قضى فيها أربعة سنوات يدرس بها المجتمع الفرنسي
واطلع على ماأنتجه المفكرون الفرنسيون من مواضيع أدبية واجتماعية
وراقت له الحرية السياسية التي ينعم بها أولاد الثورة الفرنسية والتي تسمح لكل كاتب أن يقول مايشاء حيث يشاء
فأقام مبدأ الحرية والتقدم على أسس من الثقافة المسلمة وكان من المؤيدين للإمام محمد عبده
في الإصلاح
ورأى أن الكثير من العادات الشائعة لم يكن أساسها الدين الإسلامي
وكتب في جريدة المؤيد 19 مقالا عن العلل الاجتماعية في مصر
ورد على الدوق دار كور الذي كتب عن المصريين وجرح كرامتهم وقوميتهم
وطعن بالدين الإسلامي في كتاب ألفه عام 1849 م بعنوان " المصريون "
وبحث في العلل الاجتماعية التي تعتري المجتمع المصري بأسلوب المصلح المشفق
وقضى أربع سنوات وهو يكتب في المؤيد عن المواضيع التي أطلق عليها
" أسباب ونتائج " أو " حكم ومواعظ ".
دعوته لإصلاح وضع المرأة
كان قاسم يرى أن تربية النساء هي أساس كل شيء, وتؤدي لإقامة المجتمع المصري الصالح
وتخرج أجيالا صالحة من البنين والبنات، فعمل على تحرير المرأة المسلمة
وذاعت شهرته وتلقى بالمقابل هجوما كبيرا فخلطت دعوته بالدعوة بالانحلال والسفور
رغم انه لم يدع لذلك في كتاباته.
كان منذ شبابه مهتما بالصلاح الاجتماعي
فأصدر سنة 1898 م كتاب " أسباب و نتائج و أخلاق و مواعظ "وتبعه بكتاب " تحرير المرأة "
الذي تحدث فيه عن الحجاب وتعدد الزوجات والطلاق
وأثبت أن العزلة بين المرأة والرجل لم تكن أساسا من أسس الشريعة
وأن لتعدد الزوجات والطلاق حدودا يجب أن يتقيد بها الرجل بها
ثم دعا لتحرير المرأة لتخرج للمجتمع وتلم بشؤون الحياة.
بهذا الكتاب زلزلت مصر وأثيرت ضجة وعاصفة من الإحتجاجات والنقد
ورد على قاسم
" محمد طلعت " بكتاب " فصل الخطاب فى المرأة و الحجاب "
و " محمد فريد وجدى " بكتاب " المرأة المسلمة "
ولكن قاسم لم يتزعزع أمام النقاد فواصل يدرس الكتب والمقالات لمدة سنتين
ويرد عليهما بكتابه " المرأة الجديدة " عام 1901 م ردا ً على ناقديه
فطالب بإقامة تشريع يكفل للمرأة حقوقها وبحقوق المرأة السياسية
وأهداه لصديقه الزعيم " سعد زغلول "
بعيدا ً عن قضية تحرير المرأة
كان قاسم قاضيا ً وكاتبا ً وأديبا ً فذا ً ومصلحا ً إجتماعيا ً
اشتهر بأنه زعيم الحركة النسائية في مصر كما اشتهر بدفاعه عن الحرية الاجتماعية
وبدعوته لتحقيق العدالة وإنشائه الجامعة المصرية وبدعايته للتربية في سبيل النهضة القومية
ودعا لتحرير اللغة العربية من التكلف والسجع فقد كان أديبا ً مغوارا ً
ولكن أحدا لم يتفق معه على التحرر من حركات الإعراب فماتت دعوته في رحم الكلمة.
قاسم أحد رجال الإصلاح المنتمين لمدرسة الإمام " محمد عبده "
الذين يؤمنون بالإصلاح التربوي التدريجي الذي من شانه أن يكون جيلا مثقفا مستنيرا
قادرا على القيام بأعباء التغيير والتحول بعد أن يتمرس تدريجيا ويجد في نفسه القدرة على ذلك.
كان قاسم يحب الفنون ويعتقد أن الحياة محبه ورحمه وتسامح وسلام
فكان رجلا مثاليا وتدرج في مناصب القضاء حتى كان مستشارا في محكمة الإستئناف
وكان قبلها وكيلا للنائب العمومي في محكمة مصر المختلطة.
رحيله عن عالمنا
حساسية مشاعره ورهافة حسه ألقت ظلالها على حياته
فالشفقة ورقة قلبه على الفقير والجاهل والضعيف جعلت يد الموت تخطفه من دنيانا
في 23 أبريل عام 1908 م وهو في الخامسة والأربعين من عمره.
رثاه عدد من الشعراء مثل " حافظ إبراهيم " و " خليل مطران " و " على الجارم "
وندبه الزعيمان " سعد زغلول " و " فتحى زغلول "
فكان عزاؤهما بكاء وحزنا أبكى معهما جميع من بلغ القبر من المشيعين.
من أقواله
- إن الوطنية الصحيحة لاتتكلم كثيرا ولاتعلن عن نفسها.
- كلما أردت أن أتخيل السعادة
تمثلت أمامي في صورة امرأة حائزة لجمال إمرأة وعقل رجل.
- أقل مراتب العلم ماتعلّمه الإنسان من الكتب والأساتذة
وأعظمها ماتعلمها بتجاربه الشخصية في الأشياء والناس.
- في الأمة الضعيفة المستعبَدة حرف النفي ( لا ) قليل الاستعمال.
- إذا رأيت الرأي العام معادياً لكاتب، وأعدّ له خصوماً، يتسابقون إلى نقد أفكاره وهدم مذهبه
وعلى الخصوص إذا رأيتهم ذهبوا في مطاعنهم إلى السب والقذف
فتحقق أنه طعن الباطل طعنة مميتة ونصر عليه الحق.
- التربية هي التي أنتجت كل الرجـال الذين نسـمعُ عنهم
ونشاهدهم متحلّين بمزايا الإستقامة، والصدق والكرم، والشـجاعة والشفقة
وحب الوطن، واحترام الحق، والدفاع عن الحقيقة، والخضوع للواجب
وبذل النفس والمال في خدمة العلم والدين والجامعة الوطنية
دمتم فى حفظ الرحمن و آمنه