تقديم أسس تربية صحية للطفل، فالاطفال وإن كانوا يشتركون في معدل ذكاء
متقارب ومستوى تلقّي متناظر إلا انهم يختلفون تماما فيما يتوفر لديهم من
طباع حسنة او سيئة.
وبطبيعة
الحال فإن البيئة التي يعيش فيها الطفل خاصة علاقته بوالديه ومدى ما يصدر
منهما امامه من تصرفات سلبية او ايجابية، يكون تاثير ذلك مباشِراً على
نفسيته وتصرفاته اثناء مراحل العمر التي يمر بها منذ اول ايام عمره وحتى
تجاوزه سن الشباب..
وقد يتسائل الاهل، لماذا يلاحظون على بعض
الابناء خلال مرحلة طفولتهم بعض السلوك المزعج او المسيء او ظهور انماط
سلوك سيىء لدى اطفالهم بحيث يخلق مثل هذا السلوك مشكلة يومية وأعباء
تربوية مرهقة للوالدين.
وعند هذه النقطة فإن البحث والتحري عن
الاساليب والطرق التي يجب اتباعها لتخليص الاطفال من السلوكيات المزعجة
يصبح واجباً على الاهل اذا ما ارادوا مساعدة انفسهم وابنائهم في تعدي
مرحلة الطفولة بسلام وأمان.
وتتعدد طرق تعديل السلوك وتتنوع بحسب
البيئة وطبيعة العيش في المجتمعات إلا ان هناك مفاهيم مشتركة وأساليب
جوهرية يمكن اقتفائها، ما لم تكن سلوكيات الاطفال المزعجة حالات مرضيّة.
من
هذه الاساليب الفعالة هو اسلوب الإطفاء، الذي يعني أن نتجاهَل السلوك
الغير مرغوب فيه من الطفل حتى يضعف ويتوقف نهائيا، فبعض الاطفال يعمل على
لفت انتباه والديه بالبكاء الذي ليس له سبب، ولكن رغبة من الطفل في الحصول
على شيء معين مثلا، وعندما تتجاهل هذا السلوك من الطفل فإنه ينطفئ تدريجيا.
وهناك
اساليب اخرى تدعى بـ التعزيزات، التي تُستَخدَم لتقوية او إضعاف سلوك معين
لدى الطفل حيث هناك التعزيز السلبي، الذي يعتمد على إزالة مثير مؤلم يكرهه
الطفل، بعد حدوث السلوك المرغوب مباشرة. والتعزيز الايجابي الذي يقوم على
المساعدة في ظهور مثير معين بعد السلوك مباشرة ليزيد من احتمال حدوث ذلك
مستقبلا في مواقف مماثلة. وهناك ايضا التعزيز الاجتماعي، الذي يعتمد على
إظهار مثيرات طبيعية، تُقدَم الى الطفل بعد حدوث السلوك مباشرة كالإبتسامة
والثناء والانتباه والتقبيل وغيرها.
كما ان اسلوب النَمْذجة، الذي
يعتمد على ملاحظة الطفل لسلوك الاخرين الايجابي وتقليده من خلال عرض نماذج
مختلفة ايجابية تعلِّم الطفل السلوك الصحيح يعتبر من اكثر اساليب التربية
إتباعاً، فالطفل الذي يعاني من الخوف من القطط يعرض امامه فيلماً لطفل
لايخاف من القطط فيقلده وهكذا.
وهناك ايضا اسلوب الإقصاء وإن كان
سلبياً بعض الشيئ إلا انه يفيد في الحالات المستعصية، ويعني تقليل او
ايقاف السلوك غير المرغوب بإزلة المعززات الايجابية مدة زمنية محددة
مباشرة بعد حدوث ذلك السلوك، وله عدة انواع منها العزل، ويعني عزل الطفل
في غرفة خاصة لايتوفر فيها التعزيز بهدف كف الطفل عن السلوك غير المرغوب
او ابعاده عن الاخرين والتفاعل معهم، ونجعله ينظر اليهم ويراقبهم وهم
يفعلون ما يرغبه من امور وتجاهُل مايصدر عنه من سلوكيات في اثناء ذلك
والتركيز على الاخرين.
واخيراً فإن مسألة اتباع اي من الطُرق آنفة
الذكر في تخليص الطفل من السلوكيات المزعجة تتبع حالة الطفل المعني
والبيئة التي يعيش فيها. ولايمكن تطبيق تلك الطرق عشوائيا انما الافضل
التفكير مسبقاً في الطريقة التي يرى الاهل انها ستكون ناجعة ومضمونة
النتائج بالنسبة لهم ولأطفالهم.