قلق الموت وكيف يموت القلق
الموت هو الحياة ,لا يمكن تصوره إلا بوجودها ,ولما كان الإنسان يعي وجوده حتما مضطر أن يعي عدمه,وهذا يزرع فيه القلق الوجودي العدمي.
الإنسان من الكائنات الحية التي تتصارع من اجل البقاء الذي لا يمكن إلا بالإفناء للغير,حياة كل كائن حي مرهون بموت كائن حي آخر(كأن الأرض تضيق بهم).
ازدواج الوجود الإنساني بين جسد حي يتغذى يتنفس يتناسل...ووعي بوجوده ذكريات وأحلام ومشاعر وآلام ولذات ,وتساؤلات .الفلاسفة منذ تاريخ إنتاجا تهم ,كل فئة سلمت بتصور جزئي حول الإنسان:
الفلاسفة الماديون اعتبروا الإنسان مجرد ظاهرة طبيعية ,عليه أن يستمتع بالحياة قدر الإمكان ,لأن الموت عدم مظهر مثل العدم الذي كان قبل حياته.فلا توجد حياة غير ما أنت تعيشه وتعيه وتسعد به,ولا قيمة لغيرك إن لم يكون أداة لإشباع لحاجات.
الفلاسفة المثاليون تجاهلوا الوجود المادي للإنسان ,واعتروا الإنسان نفس عاقلة ,كانت موجودة قبل حلولها في الجسم,وسوف تعود إلى وجودها المثالي عندما تتحرر من الجسد(أزلية وخلود النفس)هنا الإنسان يترفع عن الغرائز المادية.
قلق الموت يظهر جليا في الموقفين ,الخوف من الموت هو الذي يدفع المادي والمثالي أن يعمل كل شيء أو أي شيء لإرضاء وجوده المادي أو الروحي وهذا لا يتم واقعيا إلى بقتل الغير ونشر الحرب والدمار(تاريخ حرب الإنسان ضد الإنسان ما هو إلا تاريخ صيد الإنسان للإنسان)إن كان من النادر أكل لحوم البشر من البشر فإن حرمانهم من الحياة أكثر جرما(لا يضر ولا يؤلم الشاة سلخها بعد ذبحها)
وما تصور الخلود في النزعة المثالية إلا تعويض صريح ,ونوع من المواساة على خطر الموت ,الاعتقاد ببقاء النفس بعد الموت .مع اختلافات بين نظرية الفيض الإلهي ,ونظرية تناسخ الأرواح ,ونظرية الخلق المستمر ,لكنها كلها تتفق على فكرة وجود حياة أخرى غير التي نعيشها.
هذه المقدمة لطرح تساؤل بسيط:هل الموت نعمة أم نقمة؟ هل هو رحمة أم عذاب؟هل له تفسير علمي مادي وضعي أم هو من الميتافيزيقا التي لا يمكن البرهان أو التجريب عليها؟
الناس في الواقع يموتون ,الغريب في الأمر استغرابنا عندما يموت شاب ,أو صبي أو سليم عضويا.كأن الموت له قانون ,الحياة حق لمدة معينة.وفعلا تساؤلات مقلقة وجدا
موت الأطفال من الجنين إلى ما قبل الرشد,لم يعيشوا أصلا ولدوا ليموتوا إذن لماذا ولدوا؟هل نحن في مصنع آلات لازال في طور التجربة؟وموت راشدين علماء ومبدعين وأصحاب أسر ,لازالت الدنيا بحاجة إليهم ثم ينسحبون من الوجود ,لم يكملوا ما بدءوه؟
ولن أذكر شواهد من حياتي فكل واحد منا شهد موت لمن نتصور أن الوجود في حاجة إليه وهو في حاجة للوجود.وعلى النقيض من ذلك ناسا شبعوا الدنيا وشبعتهم الدنيا ’لازالوا أحياء وينتظرون الموت ولا يأتيهم ,لم يبقى لهم في الوجود وظيفة حتى نتساءل لماذا لا يشرع قانون قتل من وصل لعمر يتحول إلى طفيلي على غيره(الموت الرحيم)
وكل وجود الإنسان مقلق فعلا نعيش لنموت ,لنمت بداية مادام يمكن تحقيق الهدف في أقرب وقت.
الموت هل هو للإنسان الجسم أم للإنسان الوظيفة؟
وما هي وظيفة الإنسان في الوجود ؟تساؤلات تحدد تصورات فلسفية وعقائدية متناقضة ,الكل يعتقد أنه كشف سر الحياة متناسيا أن ما وصل إليه مجرد وهم ناتج عن أوهام الإدراك الحسي ,وأخبار الخيال العقلي.
وتعبر مشكلة الحرب والمرض والفقر هي جوهر قلق الإنسان على موته أكثر من قلقه على وجوده.