البوابة الفرعية
اللواء محمد نجيب1902م-1984م
ولد محمد نجيب يوسف عباس (اللواء محمد نجيب) بالخرطوم لأب وأم مصريين في 7/7/1902م، وفي سن الثالثة عشر توفي والده الذي كان يعمل ضابطاً بالجيش المصري بالسودان، فاضطر نجيب للعمل بجانب الدراسة للمساعدة في إعالة أسرته، التحق نجيب بكلية (غوردون) التي كان يُديرها الإنجليز، وكانت تحوي أقسام للهندسة والقضاء، والمعلمين، ونظراً للتعنت الإنجليزي لم يُسمح له كمصري إلا بالالتحاق بقسم المُعلمين، وفي الكلية تعرض نجيب للجلد عدة مرات لاعتراضه على المعاملة السيئة للطلبة من قبل المدرسين الإنجليز.
وبعد تخرجه التحق (بمعهد الأبحاث الاستوائية) فتعلم استخدام الآلة الكاتبة وعمل كموظف إداري، إلا أنه لم يقتنع بهذا الوضع وراح يجتهد لمواصلة دراسته، وفي عام 1917م التحق بالمدرسة الحربية في القاهرة، واظهر فيها براعة أهلته للتخرج مبكراً، ليعود إلى السودان مرة أخري ويعمل ضابطاً في ذات الكتيبة التي كان يعمل بها والده، وعقب تسريح الإنجليز لتلك الكتيبة؛ عاد نجيب إلى القاهرة لدراسة القانون الإداري في مدرسة البوليس، ليلتحق بالعمل بجهاز الشرطة.
وفي عام 1923م نقل نجيب للحرس الملكي في القاهرة في عهد الملك (فؤاد الأول) إلا أن تأييده للوطنيين كان سبباً في طرده من الحرس الملكي؛ فعاد نجيب للدراسة مرة أخري وحصل على ليسانس الحقوق ودبلوم الدراسات العليا في القانون، وفي عام 1937م أسس مجلة (الجيش المصري) وظل يُشرف عليها حتى عُين حاكماً إقليميا لسيناء عام 1944م، وفي عام 1948م اندلعت حرب فلسطين فشارك فيها، وأصيب خلالها إصابة خطيرة في صدره؛ نقل على أثرها للعلاج في القاهرة.
انضم نجيب للتنظيم السري للضباط الأحرار، واستطاع بمعاونة جمال عبد الناصر وبعض ضباط الجيش التخطيط وتنفيذ الثورة المصرية في 23/7/1952م، وأجبروا الملك (فاروق) على التنازل عن العرش لأبنه (أحمد فؤاد الثاني) والرحيل عن مصر، وفي 7/11/1952م تولي نجيب رئاسة الوزراء. عمل نجيب على تقريب الفوارق بين الطبقات الاجتماعية، والتخفيف من أعباء المواطنين، وتشجيع الصناعة والتجارة وإصلاح نظام الضرائب، كما أصدر قانون الإصلاح الزراعي الذي حدد الملكية الزراعية.
وفي 18/6/1953م أعلن مجلس قيادة الثورة إسقاط النظام الملكي وإعلان النظام الجمهوري للحكم في مصر، واختير محمد نجيب كأول رئيس لجمهورية مصر العربية، وخلال فترة حكمه صدر عن بعض الضباط في قيادة الثورة كثير من التجاوزات؛ أدت إلى تقديم نجيب لاستقالته من منصب الرئاسة بعد أن يأس من إصلاحهم، فقد حالت أفكارهم وأطماعهم دون تواصلهم مع محمد نجيب، الذي كان يمتلك الخبرة وتأييد الجماهير في مصر والسودان.
وافق مجلس قيادة الثورة على استقالة نجيب، فخرجت الجماهير مُطالبة بعودة نجيب، فاضطر المجلس إلى العدول عن قراره، وعاد نجيب مُعلناً إلغاء الأحكام العرفية، وفي 6/3/1954م ألغى الرقابة علي الصحف؛ وعمل على إقرار الديموقراطية، إلا أن هؤلاء الضباط كانوا يعتبرون خبرة نجيب وشعبيته مُجرد واجهة قوية يُمكن الاحتماء بها، فلما قبضوا على مقاليد السلطة؛ سارعوا في التخلص منه وأعلن المجلس بقيادة عبد الناصر في 14/11/1954م إقالة محمد نجيب من منصبه، وفرضت عليه الإقامة الجبرية هو وأولاده في منزل متواضع بضاحية (المرج) خارج القاهرة. ولم يكتف رجال الثورة بالتنكر لنجيب وفقط بل قاطعوه وأحاطوه برتل من الحراس وتنصتوا على اتصالاته، وضيقوا عليه وعلى أسرته وكأنه أحد المجرمين الخطرين، وتطور الإيذاء بتدبير مقتل أبنه (علي) في ألمانيا، وسجن ابنه (فاروق) وتعذيبه ليتوفى على أثر ذلك عام 1969م، أما ابنه (يوسف) فلم يجد إلا العمل كسائق تاكسي بعد أن فصلوه من عمله في إحدى الشركات الحكومية.
عاش محمد نجيب حياة زهد وتقشف منذ اللحظة الأولى عندما تنازل عن نصف راتبه كرئيس لمصر، وفي المعزل قضي وقته في قراءة الكتب في شتي العلوم كما تعلم عدة لغات، وظل الأمر على هذا الحال خلال فترة حكم عبد الناصر، وعندما تولي الرئيس أنور السادات الحكم في مصر، أطلق لنجيب حرية ممارسة حياته الطبيعية، وزاد معاش أسرته من 200 إلى 300 جنيه، وبعد رحلة كفاح ومعاناة طويلة، رحل محمد نجيب عام 1984، بعد أن خط بعض الكتب عن السودان ومصر، أما أهم ما كتب فكان مُذكراته التي ضمنها كتاب سماه (كنت رئيساً لمصر) والذي أورد فيه كثير من الأسرار والخبايا في أسلوب بديع خلا من أي اتهام أو ازدراء حتى لمن آذوه.
